سورة النجم - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النجم)


        


{وأنَّ إلى ربِّك المُنتهى} أي: مُنتهى العباد ومَرجِعهُم. قال الزجاج: هذا كُلُّه في صحف إبراهيم وموسى.
قوله تعالى: {وأنَّه هو أضْحك وأبْكى} قالت عائشة: «مَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقوم يضحكون، فقال: لو تَعْلَمونَ ما أعْلَمُ لَضَحِكتم قليلاً، ولبَكَيتم كثيراً»، فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآية، فرجع إليهم، فقال: ما خطَوْتُ أربعينَ خطوة حتى أتاني جبريل، فقال: إئت هؤلاء فقُل لهم: إن الله يقول: وأنَّه هو أضحك وأبْكى، وفي هذا تنبيه على أن جميع الأعمال بقضاء الله وقدره حتى الضحك والبُكاء. وقال مجاهد: أضْحكَ أهلَ الجَنَّة، وأبكى أهل النّار. وقال الضحاك: أضْحَك الأرض بالنبات. وأبكى السماءَ بالمطر.
قوله تعالى: {وأنَّه هو أمات} في الدُّنيا {وأحْيا} للبعث.
{وأنَّه خَلَق الزَّوجَين} أي: الصِّنفين {الذَّكر والأنثى} من جميع الحيوانات، {مِنْ نُطْفة إذا تُمْنى} فيه قولان:
أحدهما: إذا تُراق في الرَّحِم، قاله ابن السائب.
والثاني: إذا تُخْلق وتُقَدَّر، {وأنَّ عليه النَّشْأةَ الأخْرى} وهي الخَلْق الثاني للبعث يوم القيامة.
{وأنَّه هو أغْنى} فيه أربعة أقوال.
أحدها: أغنى بالكفاية، قاله ابن عباس.
والثاني: بالمعيشة، قاله الضحاك.
والثالث: بالأموال، قاله أبو صالح.
والرابع: بالقناعة، قاله سفيان.
وفي قوله: {أقنى} ثلاثة أقوال:
أحدها: أرْضى بما أعطى، قاله ابن عباس.
والثاني: أخْدم، قاله الحسن، وقتادة، وعن مجاهد كالقولين.
والثالث: جعل للإنسان قِنْيَةً، وهو أصل مال، قاله أبو عبيدة.
قوله تعالى: {وأنَّه هو ربُّ الشِّعْرى} قال ابن قتيبة: هو الكوكب الذي يطْلُع بعد الجَوْزاء، وكان ناس من العرب يعبُدونها.
قوله تعالى: {وأنَّه أهلك عاداً الأولى} قرأ ابن كثير، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: {عاداً الأولى} منوَّنة. وقرأ نافع، وأبو عمرو: {عاداً لُولى} موصولة مدغمة. ثم فيهم قولان:
أحدهما: أنهم قوم هود، وكان لهم عقب فكانوا عاداً الأخرى، هذا قول الجمهور.
والثاني: أن قوم هود هم عادٌ الأخرى، وهم من أولاد عادٍ الأولى، قاله كعب الأحبار. وقال الزجاج: وفي {الأولى} لغات، أجودها سكون اللام وإثبات الهمزة، والتي تليها في الجودة ضم اللام وطرح الهمزة، ومن العرب من يقول: لُولى، يريد: الأُولى، فتطرح الهمزة لتحرّك اللاّم.
قوله تعالى: {وقومَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ} أي: مِن قَبْل عادٍ وثمودَ {إنَّهم كانوا هُمْ أظلمَ وأطغى} من غيرهم، لطول دعوة نوح إيّاهم، وعتوّهم.
{والمُؤتفِكةُ} قُرى قوم لوط {أهوى} أي: أسقط، وكان الذي تولَّى ذلك جبريل بعد أن رفعها، وأتبعهم اللهُ بالحجارة، فذلك قوله: {فغشّاها} أي: ألبسها {ما غشَّى} يعني الحجارة {فبأيِّ آلاءِ ربِّكَ تتمارى} هذا خطاب للإنسان، لمّا عدَّد اللهُ ما فعله ممّا يَدلُّ على وحدانيَّته قال: فبأيِّ نِعم ربِّك التي تدُلُّ على وحدانيَّته تتشكَّك؟ وقال ابن عباس: فبأي آلاءِ ربِّك تكذِّب يا وليد، يعني الوليد بن المغيرة.


قوله تعالى: {هذا نذيرٌ} فيه قولان:
أحدهما: أنه القرآن، نذيرٌ بما أنذرتْ الكتبُ المتقدِّمة، قاله قتادة.
والثاني: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، نذيرٌ بما أنذرتْ به الأنبياءُ، قاله ابن جريج.
قوله تعالى: {أزِفت الآزفة} أي: دَنَت القيامة، {ليس لها مِنْ دُون الله كاشفة} فيه قولان:
أحدهما: إذا غَشِيَت الخَلْقَ شدائدُها وأهوالُها لمْ يَكْشِفها أحد ولم يرُدَّها، قاله عطاء، وقتادة، والضحاك.
والثاني: ليس لعِلْمها كاشف دونَ الله، أي: لا يَعلم عِلْمها إلاّ الله، قاله الفراء، قال: وتأنيث {كاشفة} كقوله: {هل ترى لهم من باقيةٍ} [الحاقة: 8] يريد: مِن بقاءٍ؛ والعافية والباقية والناهية كُلُّه في معنى المصدر. وقال غيره: تأنيث {كاشفة} على تقدير: نفس كاشفة.
قوله تعالى: {أفَمِن هذا الحديث} قال مقاتل: يعني القرآن {تَعْجَبونَ} تكذيباً به، {وتَضْحَكون} استهزاءً {ولا تَبْكون} ممّا فيه من الوعيد؟! ويعني بهذا كفار مكة، {وأنتم سامِدون} فيه خمسة أقوال.
أحدها: لاهون، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الفّراء والزجّاج. قال أبو عبيدة: يقال: دَعْ عنك سُمودَك، أي: لَهْوك.
والثاني: مُعْرِضون، قاله مجاهد.
والثالث: أنه الغِناء، وهي لغة يمانية، يقولون: اسْمُد لنا، أي: تَغَنَّ لنا، رواه عكرمة عن ابن عباس. وقال عكرمة: هو الغِناء بالحِمْيَريَّة.
والرابع: غافلون، قاله قتادة.
والخامس: أشِرون بَطِرون، قاله الضحاك.
قوله تعالى: {فاسْجُدوا لله} فيه قولان:
أحدهما: أنه سُجود التلاوة، قاله ابن مسعود.
والثاني: سُجود الفرض في الصلاة.
قال مقاتل: يعني بقوله: {فاسْجُدوا}: الصلوات الخمس.
وفي قوله: {واعْبُدوا} قولان:
أحدهما: أنه التوحيد.
والثاني: العبادة.

1 | 2 | 3